إيمان.. ثكلى سطّرت بخطوط الألم، أملاً
عمّان، الأردن، 13 أكتوبر 2021
إيمان شديفات (35 ربيعًا)، الملقبة بـ “أم برجس”، هي سيدة أردنية ريفية تعيش في محافظة المفرق وأمٌ لثلاثة أطفال يعانون من إعاقة، اعتادت على الاستيقاظ في الساعة 6:30 صباحًا
من كل يوم؛ مسرعةً لتجهيز أطفالها الثلاثة وإعداد حقائبهم المدرسية ووجبة الإفطار لهم وترتيب كل شيء يجعلهم في تمام جاهزيتهم وأناقتهم وما يساعدهم أن يكونوا بحيوية ونشاط قبل مرافقتهم إلى المدرسة.
لسنوات عدة — قُبيل أن تنجب “شديفات” — عانت من انْهِماك أهالي قريتها في القيل والقال ووصفها بأنها عقيمة نتيجة تأخرها في إنجاب الطفل الأول، فبحسب تقاليد بعض المجتمعات العربية الريفية إذا لم تحمل المرأة في شهورها الأولى بعد الزواج، فهي -برأيهم- لديها مشكلة في الإنجاب.
بعد 3 سنوات من زواجها أنجبت “إيمان” طفلها الأول وأطلقت عليه اسم “برجس”، وكان الطفل الأقرب إلى قلبها من بين جميع إخوته، إذ كان يفهم والدته من نظرة دون أن تتفوّه بحرف، إلى جانب كونه يتسم بالعاطفة والذكاء، ويتميز في لعب كرة القدم، حيث فاز بأربع مسابقات ذكاء قبل أن يبلغ العاشرة من عمره.
في يونيو/حزيران من العام 2019، اختارت العائلة رحلة شاطئيّة لقضاء إجازتها الصيفيّة، ماهي إلا بضع ساعات لتحُل المأساة وبحسب ما أسمته إيمان بأنّه “اليوم الأسود”. برجس، ذو 11 ربيعًا، غرق في البحر أثناء السباحة، لتنقلب في لحظةً حياتها وبقية العائلة رأسًا على عقب، وتدخل الثكلى بعد ذلك في حالة حداد واكتئاب حادة.
بعد فترة من تلك المأساة، حاول زوجها مرارًا وتكرارًا مساعدتها على مغادرة المنزل والبدء في عمل شيء جديد والخروج من الحالة التي تعيشها، ولكن دون جدوى، الشهور تمضي وهي على ذات الحال، حتى أثمرت جهوده وأقنعها بالسفر معه لأداء فريضة الحج معه، هناك التقت بالسيد بمصطفى الشديفات، مدير جمعية محلية غير ربحية في محافظة المفرق “جمعية منشية بني حسن” -الشريك المحلّي لمنظمة رؤية أمل-.
عرّفها بالجمعية ونشاطاتها ودعاها إلى العمل فيها بعد عودتها من السفر، ثم بدأ بإشراكها في البرامج التي تنفذّها الجمعية، مثل الأنشطة اللامنهجية وفصول التدريس المنزلي وغير ذلك. هنا، بدأ الأمل ينبت من جديد بداخل “إيمان” خصوصًا عندما رأت عيون الأطفال كيف ينظرون إليها بسعادة غامرة، وتذكرت نظرات ابنها “برجس” وكمية السعادة التي كانت تغمره عندما تهتم فيه، فقررت الانضمام إلى الجمعية وأخذت مبادرة العطاء والمحبة.
بعد أن أمضت ثلاثة أشهر في العمل التطوعي مع الجمعية، تحدثنا “إيمان” عن عملها وتجربتها في برنامج تحسين الخدمات التعليمية والاندماج المموّل من “منظمة رؤية أمل والوزارة الاتحادية الألمانية للتعاون الاقتصادي والتنمية (BMZ) “، قائلة:
“اليوم يمكنني التغلب على أكبر تحد واجهته في حياتي وقبلت ما حدث لنا”.
إنّ الانخراط في المشروع والتمكّن من منح الحب والرعاية للأطفال المحتاجين إلى مساعدتها ودعمها، أعطاها أملًًا جديدًا ومنظورًا جديدًًا للحياة.