“الماء أو التعليم”

قبل اندلاع حرب اليمن في عام 2015، تم التأكيد على إمدادات المياه في البلاد لدرجة أن بعض الخبراء توقعوا أنها ستكون أول بلد ينفد من المياه الصالحة للاستخدام. قام العديد من المزارعين بحفر آبار يبلغ عمقها مئات الأمتار، مما تسبب في نضوب شديد للمياه الجوفية، وتسببت المواجهات حول تناقص موارد المياه في مقتل حوالي 4000 شخص سنويًا

“غالبًا ما أتغيب عن المدرسة وذلك لأن علّي الذهاب لجلب المياه في جبال حجة القاحلة. وأحيانًا يجب علّي الانتقال من منطقة إلى أخرى للبحث عن الماء

منى الطفلة ذات 12 ربيعا من قرية ظهر الصبر في محافظة حجة غرب اليمن، والتي تم استهدافها مؤخرًا ضمن مشروع منظمة رؤيا أمل لحصد مياه الأمطار والصرف الصحي. منى هي واحدة من آلاف الفتيات التي تسير على بعد عدة كيلومترات في اليوم الواحد لتلبية الاحتياجات الأساسية لأسرتها. فهي غالبًا ما تكون غير قادرة على الذهاب إلى المدرسة وعلى الرغم من ذكائها، فقد رسبت بسبب تغيبها الطويل عن المدرسة. في المناطق الجبلية النائية في محافظة حجة، كثيراً ما تسافر النساء والفتيات أربع ساعات أو أكثر كل يوم لجمع المياه لعائلاتهن. فهن غير قادرات على الذهاب إلى المدرسة أو الانخراط في أنشطة مدرة للدخل مثل الخياطة والتطريز والتعليم لدعم أسرهم

عانت منى كثيرًا وشغفها للتعليم جعلها تتحمل فوق طاقتها فهي تستيقظ باكراً للحصول على الماء حتى تتمكن من الذهاب إلى المدرسة بعد ذلك — لكنها لم تستطع التوفيق بين الامرين. “لا أستطيع أترك أسرتي تموت من العطش، ولا أستطيع أن أكمل دراستي. أشعر بالحزن عند رؤية زميلاتي يستمتعون بحريتهم في اللعب والذهاب إلى المدرسة وعدم الالتزام بالأعمال الشاقة كما أفعل

بالتعاون مع مؤسسة التضامن الاجتماعي للتنمية (SSFD)، منظمة محلية غير حكومية؛ قامت رؤيا أمل ببناء ثماني خزانات مياه في محافظة حجة من خلال مشروع حصاد مياه الأمطار وتحسين الصرف الصحي (RWHS). توفر خزانات المياه بشكل مستدام لما مجموعه 303 أسرة تدير مزارع صغيرة. لا يهدف هذا المشروع إلى أن يكون حلاً مؤقتًا، ولكنه يعالج بشكل أساسي المشكلة الحرجة المتمثلة في ندرة المياه.

لضمان الاستدامة، قامت رؤيا أمل بتدريب لجان مستخدمي المياه المحلية لتشجيع الاستخدام الصحيح للخزانات وصيانتها. بالإضافة إلى ذلك، قامت بتدريب ثمانية من مروجي النظافة لتثقيف الأسر المحلية حول معايير النظافة والاستخدام السليم لمرشحات المياه والنظافة العامة للمياه وتخزينها وكذلك لتوزيع مرشحات المياه. تساعد جهودهم على ضمان نظافة مياه الشرب وتقليل احتمالية تفشي أمراض الإسهال المميتة

بعد تنفيذ المشروع وتوفر المياه بالقرب من منزل منى، أصبح من السهل جلب المياه لأسرتها وهي قادرة الآن على الذهاب إلى المدرسة وإكمال تعليمها

أخبرتنا منى عن سعادتها الغامرة من التغييرات الحاصلة في قريتها وأملها الكبير في تحقيق طموحاتها: “في أحد الأيام رأيت الكثير من الناس يأتون إلى قريتنا بمركبات ضخمة ومواد مختلفة لا أعرفها. تساءلت ماذا سيفعلون؟ سألت أبي عن كل ذلك، وأخبرني أن معاناتي في جلب المياه ستنتهي وسوف أتمكن من الذهاب إلى المدرسة كل يوم، لقد ذُهلت ولم أستطع التعبير عن سعادتي. لم يعد هناك داع للقلق بشأن الذهاب لجلب الماء، بل التركيز على دراستي بدلاً من ذلك