“تحدي الحياة”

Vision Hope International
4 min readJan 22, 2020

--

جميله هي الحياة عندما تشعر بانك أنسان طبيعي، لا تشكو فيها هماً ولا المآ وليس عليك الخضوع لأي اضطرابات حياتية. دائما ما ترى تلك الأحلام التي ترافق واقعك بمنظور ضيق واحيانا لا تكاد ترى منها سوى بصيص أمل صعب المنال وفي كلتا الحالتين يجب أن تحارب للوصول لحل

بطلتنا رنيم

رنيم ذات الحادي عشر ربيعاً، الطفلة السورية البريئة التي كانت تعاني من اضطرابات نفسية أفسدت حياتها الشخصية والاجتماعية. تعيش رنيم وأسرتها في منشية، محافظة المفرق، شمال شرقي الأردن. طغى الخوف على حياة رنيم. فقد اصبح التوتر صديقا لها وكراهية الحياة رفيقها على الدوام. عانت رنيم اشد المعاناة حيث كان التوتر الشديد والارتباك والتأثر بالمشاهد التلفزيونية والرسومات العنيفة المخيفة تأثر على حياتها كطفلة. أخبرتنا رنيم عن السبب الرئيسي وراء تدهور حالتها النفسية قائلةً : كنت أشاهد فيلم رعب مع أخوتي وإذ بمومياء تظهر بصوره مرعبه على شاشه التلفاز عندها دب الرعب أجزاء جسدي وبدأت أتمتم بكلمات غير مفهومه ومن ذلك اليوم وأنا لا استطيع النوم بشكل مريح وأخاف من كل شيء حولي

تتابعت الأحداث بعدها وانفجرت الحرب في سوريا وازدادت اضطرابات رنيم. مع تفاقم الصراع في سوريا غادرت رنيم وعائلتها موطنهم إلى الأردن هربا من الحرب. كبرت رنيم وكبر الخوف والقلق معها فقد أصبحت اتفه الأشياء ترعبها وانعكس ذلك سلبا على حياتها الاجتماعية والشخصية واحدث شرخ في حياتها أبعدها عن نفسها كثيرا

رنيم وصديقاتها بعد التحاقها بالمركز

تقول والدة رنيم: ابنتي طفلة ذكيه وهادئة لكنها تعاني من الخوف الشديد وما زاد الطين بله مرض هو مرض والدها وانعدام ثقتها بجميع من حولها بسبب الخوف من أي شيء قد يهدد حياتها مع إيمانها الكامل بوجود أشباح وخرافات لا اصل لها فتارة تبكي وتارة تصرخ من دون سبب، ولكن ملاذها الوحيد هو حضني

ضاقت برنيم الحياة وأصبحت تتمنى لو أنها لم تكن موجوده، ومع مرور الوقت تفاقمت تلك الاضطرابات وازدادت حالتها النفسية سوءً إلى أن اهتدى بها السبيل إلى مركز الأسرة كالتائه الذي وجد ضالته حيث انضمت إلى المركز بعد سنتين من تلك الحالة ومن هنا بدأت مسيرة التغيير في حياتها وذلك بدخولها بأجواء آمنة، أجواء تبعث الطمأنينة في قلوب الجميع، ترى الدفء قبل أن تشعر به، تستنشق الأمان والراحة بمجرد وقوفك أمامه حيث الكل معك والكل لك ولخدمتك، كانت رنيم ترى الجانب المظلم من الحياة لكنها في مركز الأسرة رأت الجانب المشرق منها، حيث بدأت تفكر بنفسها وبمستقبلها

تم إنشاء مراكز الأسرة في محافظتي المفرق والكرك وذلك لتعزيز الازدهار البشري لأسر اللاجئين السوريين في الأردن. ينفذ المركزان مشاريع مموله من قِبل منظمة رؤيا أمل الدولية للأطفال والنساء والفتيات. من خلال برامج المساعدة المختلفة المصممة لمساعدة الأشخاص في جميع مراحل الحياة، كبرنامج ما بعد المدرسة، والذي يتلقى فيها الأطفال السوريون والأردنيون المساعدة المنزلية ويشاركون في أنشطة مناسبة للفئة العمرية المصممة لمساعدتهم على حل صدماتهم وتحسين أدائهم الأكاديمي وبرنامج الفتيات، الذي تقوم فيها الفتيات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 15 و 25 سنة بتطوير كفاءات شخصية ومهنية من خلال فصول المهارات الحياتية ودورات الكمبيوتر وأنشطة الحرف اليدوية وأيضا برنامج المرأة، والذي تشارك فيه الأمهات السوريات والأردنيات في أنشطة مثل دروس الطهي والخياطة ويتلقين العلاج الفردي والجماعي مما يتيح لهن فرص لفتح مشاريعهن الخاصة. يساعد المركزان على إدارة آثار تجاربهم المؤلمة واكتساب مهارات الحياة وتشكيل الروابط بين بعضها البعض لتحسين التماسك الاجتماعي

رنيم بعد التحاقها بالمركز

تعلمت رنيم في مركز الأسرة معنى الصداقة الحقيقة وكيفية التعامل مع الآخرين ومساعدتهم فوجود المعلمات والأصدقاء والاخصائية النفسية في حياتها ساهم كثيرا في التحسن من حالتها حيث قالت رنيم : تعرفت على مركز الأسرة فهنا وجدت ما كنت افتقده، وبكل صراحة جميع من هنا يحبونك كما يحبون أخوتهم واكثر، يخافون عليك كوالديك، فعلاجي أني وجدت من يسمعني، من يفهم مشاعري، وجدت من يحتوي خوفي وجهلي عن أسرار الحياة وبكل بساطه كانت معلمتي آيات هي الصديقة والمرشدة والعلاج لحالتي، فقد أمسكت بيدي وقادتني إلى بر الأمان فكانت أول من سمعني وأول من وثقت بها في حياتي و الإنسانة الوحيدة التي كنت أرى الأمل والطمأنينة فيها. وها أنا الآن أقوى كما وعدتها، فعلا الحياة جميلة إذا رأيناها جميلة فكما ترى تجد

تحدثنا قليلاً مع آيات، الاخصائية النفسية التي تابعت حالة رنيم وأوضخت لنا مدى تحسن رنيم منذ قدومها إلى المركز قائلةً: خضعت رنيم بالتدريج لعدة جلسات من العلاج النفسي والاجتماعي، فقد كانت تخاف حتى من ظلها ولا تستطيع الاختلاط بالناس فالجميع بالنسبة لها كانوا كالوحوش. مع مرور الوقت أصبحت الآن قادرا على مواجهة أي مشكلة بمفردها وتخلصت من الهلوسات المرعبة. يمكنني القول أن الحياة كالمرأة تعكس ذاتك فقد أصبحت رنيم عنصر فعال بالمجتمع، عنصراً ذا قيمه، زادت ثقتها بنفسها أولا والمجتمع المحيط بها ثانيا، انطلقت وقد كسرت حاجز الخوف والقلق وغدت فتاة طبيعية مع أهلها وكل من حولها، فجميلة هي الحياة عندما تشعر انك إنسان طبيعي

رنيم ومعلمتها آيات

--

--

Vision Hope International
Vision Hope International

Written by Vision Hope International

Vision Hope is an international organization, based in Germany, focused on providing humanitarian assistance on conflict areas in the Middle East.

No responses yet